وش حكم الاحتفال برأس السنة الهجرية؟

وش حكم الاحتفال برأس السنة الهجرية
  • آخر تحديث

مع اقتراب حلول رأس السنة الهجرية 1447، يتجدد الجدل السنوي حول مدى مشروعية الاحتفال بهذه المناسبة في الإسلام.

وش حكم الاحتفال برأس السنة الهجرية

في الوقت الذي تمنح فيه بعض الدول إجازة رسمية في هذا اليوم، يتساءل الكثيرون عن الحكم الشرعي المتعلق بالاحتفال أو التهنئة به، ومدى توافق ذلك مع تعاليم الشريعة الإسلامية.

الاحتفال برأس السنة الهجرية

من وجهة نظر فقهية، يميز علماء الإسلام بين ما هو عبادة توقيفية يجب أن تستند إلى دليل شرعي، وما هو عادة اجتماعية لا تتعارض مع أصول الشريعة، وبناء على ذلك، فإن الاحتفال برأس السنة الهجرية بشكل سنوي ومنهجي لا يستند إلى أصل شرعي صريح في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة، ولا يعد من الأعياد التي شرعها الإسلام.

الأعياد المشروعة في الإسلام

حدد الإسلام عيدين فقط يجوز الاحتفال بهما على وجه التخصيص:

  • عيد الفطر، الذي يأتي بعد صيام شهر رمضان.
  • عيد الأضحى، الذي يأتي في موسم الحج ويقترن بذبح الأضاحي.

وهذا ما ثبت في الحديث الصحيح عندما قال رسول الله ﷺ: "قد أبدلكم الله بهما خير منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر" (رواه أبو داود والنسائي).

وبالتالي، فإن أي احتفال آخر يضفى عليه طابع "العيد" أو "المناسبة الدينية السنوية" يعد من البدع المحدثة، ما لم يكن له أصل شرعي ثابت.

الفرق بين التهنئة والاحتفال

رغم رفض علماء كثيرين لفكرة إقامة احتفالات خاصة برأس السنة الهجرية، إلا أن الأمر يختلف فيما يخص التهنئة الودية بين المسلمين.

  • التهنئة بقول: "كل عام وأنتم بخير" أو "عام هجري مبارك" لا يعد من المحظورات، ما دام لم يصاحبها طقوس احتفالية مبتدعة أو ممارسات تخرق ثوابت الدين.
  • ورد عن بعض الصحابة أنهم كانوا يتبادلون التهاني في المناسبات، دون أن يقصد بها التعبد أو التشريع.

ولذلك، فإن الرد على التهنئة أو بدؤها بدافع المجاملة الاجتماعية جائز شرعا، بشرط ألا يفهم منه أنها سنة نبوية أو شعيرة دينية.

القياس على الأعياد المحدثة

يقيس بعض العلماء الاحتفال برأس السنة الهجرية على ما يعرف في الشريعة بـ"الأعياد المبتدعة"، مثل:

  • الاحتفال بأعياد الميلاد.
  • أعياد الأم أو الأب.
  • الاحتفال بعيد النوروز عند المجوس.
  • رأس السنة الميلادية عند المسيحيين.

ويستشهد في هذا السياق بما كان عليه أهل الجاهلية من تعدد الأعياد والمواسم، حتى جاء الإسلام ليجعل للمسلمين عيدين فقط، حفاظ على نقاء العقيدة وتوحيد الشعائر.

التقويم الهجري

أنشأ المسلمون التقويم الهجري رسميا في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان ذلك في السنة السابعة عشرة من الهجرة، بناء على اقتراح مجموعة من الصحابة.

  • اختاروا أن يكون بداية التاريخ الإسلامي من عام هجرة النبي محمد ﷺ من مكة إلى المدينة.
  • واعتمدوا شهر محرم كبداية للسنة الهجرية، بناء على اقتراح الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، لأنه أول شهر يلي موسم الحج، وكان معروف بين العرب ومقدس حتى في الجاهلية.

هذا التقويم وضع لأغراض إدارية وتنظيمية في الدولة الإسلامية، ولم يقصد به تأسيس احتفال سنوي بمطلع كل عام هجري.

كيف يتعامل المسلم مع رأس السنة الهجرية؟

مع غياب النصوص التي تقر الاحتفال بهذه المناسبة، يبقى الخيار الشرعي الواضح للمسلم هو:

  • عدم إقامة مظاهر احتفال أو طقوس دينية مبتدعة.
  • جواز تبادل التهاني بشكل عفوي غير مرتبط باعتقاد ديني.
  • اغتنام المناسبة للدعاء والذكر والاستغفار، دون تخصيصها بعبادة لم يرد بها نص.

وينصح بالرد على من يهنئك، بعبارات مثل: "كل عام وأنتم بخير"، أو "عام مبارك علينا وعليكم"، أو "أسأل الله أن يجعلها سنة خير وبركة".

الاعتدال بين الإفراط والتفريط

في نهاية المطاف، ينبغي للمسلم أن يوازن بين التمسك بالأصول الشرعية والحرص على عدم الوقوع في البدع، وبين التحلي بروح التسامح والمجاملة في القضايا الاجتماعية غير التعبدية.

فالاحتفال المبالغ فيه برأس السنة الهجرية لا أصل له في الدين، لكن التهنئة الخفيفة والتذكير بالهجرة النبوية كحدث تاريخي عظيم، لا بأس به إذا خلا من الغلو أو التشبه بغير المسلمين.